الضوضاء في نيويورك.. أزمة صحية عامة تتفاقم وسط تجاهل رسمي
الضوضاء في نيويورك.. أزمة صحية عامة تتفاقم وسط تجاهل رسمي
تشهد مدينة نيويورك مستويات مقلقة من الضوضاء باتت تؤثر بشكل مباشر على الصحة العامة للسكان، وسط تحذيرات من خبراء بأن هذه المشكلة لا تحظى بالاهتمام المطلوب، خلافاً لتلوث الهواء.
من أبواق السيارات وورش البناء إلى قطارات المترو والحانات، يعيش سكان نيويورك في بيئة صاخبة على مدار الساعة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، الأربعاء.
ويقول تيم موليغان، وهو محارب قديم مقيم قرب تايمز سكوير ويعاني اضطراب ما بعد الصدمة: "غطيتُ نافذتي بمواد عازلة، وركبت ستائر مزدوجة، وأنام بسدادات أذن، ومع ذلك لا أستطيع الهروب من الضوضاء".
وتشير البيانات إلى أن مستوى الصوت في المحادثات اليومية يتراوح بين 50 و65 ديسيبل، بينما تصل حركة المرور إلى 85 ديسيبل، وترتفع ضوضاء آلات الحفر إلى 110 ديسيبل، وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأقصى الموصى به من منظمة الصحة العالمية (70 ديسيبل يومياً).
شكاوى وإجراءات محدودة
في عام 2024، استقبل الخط الساخن البلدي (311) أكثر من 750 ألف شكوى تتعلق بالضوضاء، لتصبح الأكثر تسجيلاً بين مختلف أنواع الشكاوى. وحتى منتصف أغسطس الجاري، تجاوز عدد البلاغات نصف مليون.
ورغم أن نيويورك تعد من المدن القليلة في الولايات المتحدة التي تعتمد قانوناً خاصاً بالضوضاء وتستخدم كاميرات صوتية لرصد المخالفات، يرى الخبراء أن هذه الإجراءات غير كافية لمعالجة حجم المشكلة.
البروفيسور ريتشارد نيتزل من جامعة ميشيغن، الذي يقود دراسة وطنية بالتعاون مع شركة آبل، أكد أن "ربع الأميركيين معرضون لمستويات تهدد السمع على المدى الطويل".
وتشير دراسات سابقة في نيويورك إلى أن نحو واحد من كل عشرة سكان يواجه خطر فقدان السمع لمجرد استخدامه المتكرر لمترو الأنفاق.
وتشمل تداعيات الضوضاء الحرمان من النوم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والاكتئاب وضعف القدرات الإدراكية. لكن، بحسب نيتزل، فإن هذه المخاطر "لا تحظى بالاهتمام نفسه الذي يُعطى لتلوث الهواء".
الفئات الأكثر عرضة
الشباب بين 18 و25 عاماً يُعدون الأكثر تعرضاً بسبب الاستماع إلى الموسيقى بمستويات مرتفعة عبر السماعات. كما يعاني سكان الأحياء العمالية من ضوضاء أشد كثافة نتيجة قربها من الطرق السريعة ومواقع البناء.
وتحذر أخصائية السمعيات ميشيل دي ستيفانو من أن فقدان السمع الناتج عن الضوضاء "غير قابل للعلاج"، مؤكدة أن الوقاية هي الوسيلة الوحيدة لتجنب المخاطر.
وفي مفارقة لافتة، تعتمد بعض المطاعم والحانات على رفع مستوى الموسيقى عمداً، ويقول مدير مطعم مكسيكي في حي هدسون ياردز: "الموسيقى الصاخبة تجعل الأجواء أكثر حيوية وتشجع الزبائن على البقاء مدة أطول".
غير أن دراسات أخرى تشير إلى أن الضوضاء قد تدفع الزبائن إلى إنهاء وجباتهم بسرعة، ما يزيد من معدل دوران الطاولات ويحقق أرباحاً أكبر.